واشنطن | عرب كندا نيوز
بعد أن أمضى سنوات في الترويج لنظرية وجود “دولة عميقة” داخل مؤسسات الحكومة الأميركية، يواجه الرئيس دونالد ترمب – في ولايته الثانية – ضغوطًا متزايدة من أنصاره والمتشددين في الحزب الجمهوري لاتخاذ خطوات ملموسة لكشف وإعادة هيكلة هذه الشبكات المزعومة، التي يُعتقد أنها سعت سابقًا لتقويض رئاسته.
وبحسب تقرير وكالة أسوشيتد برس، فإن هذا الضغط يأتي من قاعدة ترمب السياسية، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الكونغرس والمحافظين الإعلاميين، الذين يعتبرون أن اللحظة قد حانت لتنفيذ “تطهير إداري واسع” داخل الوكالات الفيدرالية، وفرض السيطرة السياسية على بيروقراطيات يُعتقد أنها تصرفت كـ”دولة داخل الدولة”.
في مقدمة هذه الوكالات تأتي وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وهما مؤسستان لطالما اعتبرهما ترمب عقبة أمام تنفيذ أجندته، خاصة بعد التحقيقات التي طالته بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016، وسلوكياته خلال أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021.
الضغط لتوسيع الصلاحيات الرئاسية
التقرير يشير إلى أن بعض مستشاري ترمب يدرسون بالفعل إعادة تفعيل “الأمر التنفيذي 13957”، الذي وقّعه ترمب أواخر ولايته الأولى، وكان يمنح الرئيس سلطة أكبر لعزل موظفين فيدراليين يصنّفون ضمن فئة “الخدمة المدنية المحمية”. وقد تم إلغاء الأمر لاحقًا من قبل إدارة بايدن.
وفي حال تم تنفيذ هذه الإجراءات، فإنها قد تمهد الطريق لإقصاء مئات الموظفين البيروقراطيين من مناصبهم واستبدالهم بأشخاص موالين سياسياً، وهو ما يعتبره المعارضون تهديدًا مباشرًا لاستقلالية مؤسسات الدولة و”تسييسًا خطيرًا” للإدارة العامة.
البيت الأبيض: لا تعليق مباشر
حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من إدارة ترمب على هذه التحركات، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن الرئيس يدرس “عدة خيارات” لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية بهدف “استعادة سلطة الشعب”، وفق تعبير ما كانت تعبر عنه حملته الانتخابية.
خلفية: ما هي “الدولة العميقة” في السياق الأميركي؟
مصطلح “الدولة العميقة” في السياسة الأميركية يُستخدم لوصف شبكة غير رسمية من البيروقراطيين والمسؤولين الأمنيين الذين يُعتقد أنهم يمتلكون نفوذًا غير خاضع للمساءلة ويعملون ضد أجندة الرئيس المنتخب، خاصة إذا كان خارج “المؤسسة التقليدية”. وقد أصبح هذا المفهوم شائعًا بين أنصار ترمب، لا سيما بعد مواجهاته المتكررة مع وكالات الاستخبارات ووزارة العدل خلال ولايته الأولى.
لكن في المقابل، يعتبر الكثير من المحللين أن الحديث عن “دولة عميقة” ليس سوى أداة سياسية تُستخدم لتبرير الإخفاقات أو مهاجمة مراكز السلطة المستقلة داخل الدولة.
تحدي المرحلة المقبلة
وبينما يسعى ترمب إلى تنفيذ وعوده بإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية “من الداخل”، يُتوقع أن تواجه محاولاته هذه مقاومة قضائية ومؤسسية، إضافة إلى معركة محتدمة داخل الرأي العام الأميركي المنقسم بعمق حول مستقبل الديمقراطية في البلاد.