دمشق – عرب كندا نيوز
أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، عبر سفارتها المغلقة في دمشق، تحذيرًا شديد اللهجة للمواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى سوريا، مدعية تلقيها “معلومات موثوقة” بشأن هجمات وشيكة قد تستهدف مواقع مدنية وسياحية في البلاد، وسط تزايد التصريحات التي تشير إلى تغيّر في موقف واشنطن تجاه الوضع السوري بعد التغييرات السياسية الأخيرة.
وجاء التحذير في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني لسفارة الولايات المتحدة لدى دمشق، والتي كانت قد أُغلقت منذ العام 2012، حيث تتولى سفارة تشيكيا حاليًا تمثيل المصالح الأمريكية في سوريا. وأوضحت الخارجية الأمريكية أنها تتابع “معلومات وثيقة بشأن تهديدات محتملة، تشمل مواقع يرتادها السياح والجمهور”، دون أن تكشف عن طبيعة تلك التهديدات أو الجهات التي تقف خلفها.
تحذير من المستوى الرابع
صنفت الخارجية الأمريكية سوريا ضمن المستوى الرابع من نظام تحذيرات السفر، وهو الأعلى ضمن سلم التحذيرات الذي يتضمن أربعة مستويات. ويعني هذا التصنيف أن السفر إلى سوريا “ممنوع”، نظرًا لما وصفته الوزارة بـ”مخاطر عالية للعنف وانعدام الأمان”.
وأشارت الوزارة إلى أن الهجمات “قد تحدث دون سابق إنذار”، مضيفة أنها قد تستهدف تجمعات عامة، وأسواقًا، ودور عبادة، وفنادق، ومدارس، ومناطق مكتظة بالسكان، وحتى وسائل النقل.
كما ذكّرت بأن السفارة الأمريكية في دمشق ما تزال مغلقة، وأنه لا تتوفر فيها خدمات قنصلية، داعية المواطنين الأمريكيين الموجودين في سوريا إلى التواصل مع قسم رعاية المصالح الأمريكية في السفارة التشيكية حال حدوث طارئ.
تحذيرات متكررة وخلفيات سياسية
التحذير الجديد هو الأحدث في سلسلة تحذيرات مماثلة أصدرتها واشنطن خلال شهر مارس/آذار الماضي، حذرت فيها من “هجمات وشيكة” دون أن تُسجَّل أي حوادث مؤكدة لاحقًا، ما يثير تساؤلات حول التوقيت والخلفيات المحتملة لهذه الإشارات الأمنية المتكررة.
ويأتي هذا التطور بعد أسابيع من قيام الخارجية الأمريكية بتخفيض الوضع الدبلوماسي للبعثة السورية لدى الأمم المتحدة، وعدم الاعتراف رسميًا بأي كيان باعتباره “الحكومة الشرعية” لسوريا في المرحلة الحالية. كما عدّلت تأشيرات أفراد البعثة من دبلوماسية إلى تأشيرات خاصة بأشخاص يمثلون حكومات غير معترف بها.
شروط أمريكية للتطبيع مع الإدارة الجديدة في دمشق
وبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الخميس، فإن واشنطن أبلغت الإدارة السورية الجديدة مجموعة من الشروط التي يجب تحقيقها قبل أي تحرّك نحو تطبيع العلاقات، وتشمل:
اتخاذ خطوات صارمة ضد ما تصفه بـ”الجماعات المتطرفة”.
طرد الفصائل الفلسطينية من الأراضي السورية.
التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتأمين ما تبقى من الأسلحة الكيميائية التي تعود للنظام السابق.
تأمين احتياطيات اليورانيوم.
تعيين نقطة اتصال أمريكية للبحث عن 14 مواطنًا أمريكيًا لا يزال مصيرهم مجهولًا في سوريا.
سياق سياسي متحوّل في دمشق
وتأتي هذه التحذيرات في وقت تشهد فيه سوريا مرحلة انتقالية سياسية حساسة، بعد أن سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، منهية أكثر من ستة عقود من حكم حزب البعث و53 عامًا من سيطرة عائلة الأسد.
وفي 29 يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين فاروق الشرع رئيسًا للبلاد خلال المرحلة الانتقالية، التي يُفترض أن تستمر خمس سنوات وفقًا للإعلان الرسمي.
وبينما تراقب عواصم القرار في الغرب هذه التطورات عن كثب، يبدو أن الولايات المتحدة تتخذ نهجًا أكثر حذرًا تجاه التعامل مع التغيير الحاصل، مع التلميح بربط أي خطوة دبلوماسية أو سياسية بمطالب أمنية وتعاونية محددة.
خلاصة
تحذير وزارة الخارجية الأمريكية من السفر إلى سوريا يعكس استمرار التوتر في العلاقة بين واشنطن والإدارة الجديدة في دمشق، ويمثل في الوقت نفسه رسالة سياسية وأمنية مزدوجة. وفي ظل غياب بعثة دبلوماسية أمريكية فاعلة على الأرض، تبقى أدوات النفوذ الأمريكي في سوريا مركّزة على التصريحات، الضغوط، والتحذيرات، وسط تطورات قد تعيد تشكيل مستقبل هذا البلد الذي لا يزال يتعافى من آثار أكثر من عقد من الصراع.