تواجه كندا واحدة من أكبر التحديات السياسية في تاريخها الحديث بعد استقالة نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المالية كريستيا فريلاند بشكلٍ مفاجئ وصادم لبعض الأوساط، وهي التي تركت فراغًا سياسيًا أثار موجة من التساؤلات حول مستقبل القيادة في البلاد.
هذا وتُعد فريلاند من الشخصيات البارزة في الحكومة الليبرالية، وكان لها دور محوري في التعامل مع أزمات كبيرة، مثل جائحة كوفيد-19 والمفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة.
الفراغ السياسي وتأثيره على الحكومة
استقالة فريلاند، التي جاءت في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد الكندي تباطؤًا ملحوظًا وارتفاعًا في تكاليف المعيشة، أدت إلى تفاقم التوتر داخل حكومة جاستن ترودو. فباعتبارها شخصية تتمتع بمصداقية كبيرة على الساحة الدولية، كانت فريلاند تُعد جسرًا بين كندا وحلفائها الغربيين، إضافة إلى كونها نقطة ارتكاز للحزب الليبرالي.
يرى بعض المراقبين أنه بدونها، تواجه الحكومة صعوبة في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، خصوصًا مع تصاعد الانتقادات تجاه سياسات ترودو.
وقد رأى البعض أن هذه الاستقالة تعكس انقسامات داخلية أعمق في الحزب الليبرالي وتراجعًا في قدرة الحكومة على التعامل مع التحديات الحالية وتخبطاً في مواجهة ضغوطات المعارضة الضاغطة من أجل استقالة ترودو وعقد انتخابات مبكرة.
التحديات الاقتصادية والدبلوماسية
كما أنه من الناحية الاقتصادية، تترك فريلاند وراءها ملفات معقدة، أبرزها ارتفاع الدين العام، والتضخم الذي أثر بشدة على القوة الشرائية للكنديين، وزيادة الضغوط على القطاعات الحيوية مثل الإسكان والطاقة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تعاني كندا من تراجع دورها التقليدي كوسيط دولي، وتحتاج إلى قيادة قوية لاستعادة ثقة الشركاء الدوليين.
وقد زاد من تعقيد الموقف تصاعد التوترات الجيوسياسية عالميًا، خصوصًا في العلاقات مع الصين وروسيا.
مستقبل القيادة في الحزب الليبرالي
من جهة أخرى لا يمكن تجاهل أنه مع تراجع شعبية ترودو في استطلاعات الرأي، تثار تساؤلات حول ما إذا كان الحزب الليبرالي قادرًا على تقديم قيادة جديدة قادرة على تجاوز هذه الأزمة.
كما أن استقالة فريلاند قد تكون مؤشرًا على تزايد الضغوط الداخلية لتغيير قيادة الحزب قبل الانتخابات المقبلة.
الخلاصة
تشكل استقالة كريستيا فريلاند لحظة حاسمة في السياسة الكندية ، حيث تواجه الحكومة الليبرالية تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي واهمها أن هذه الاستقالة قد تفتح المجال امام إستقالات أخرى وبالتالي انهيار الحكومة الليبرالية والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
هذا عوضاً عن أن المعارضة ستزيد من ضغوطاتها المطالبة بإستقالة ترودو في المرحلة القادمة حيث هدد رئيس حزب الديمقراطيين الجدد NDP بأنه سيدعو لحجب الثقة عن الحكومة وهذا قد يفتح المجال أمام انتخابات مبكرة أيضاً.
يبقى السؤال: هل سيتمكن الحزب الليبرالي من سد هذا الفراغ وإعادة بناء الثقة مع الشعب الكندي وتجاوز ضغوطات الأحزاب المعارضة والنخب السياسية في البلاد؟ أم أن هذه الأزمة ستفتح الباب أمام معارضة أقوى واستقطاب سياسي أكبر في المشهد الكندي وتصبح كندا مثار اهتمام العالم إذا تم حجب الثقة عن الحكومة والدعوة إنتخابات عامة مبكرة أو إستقالة ترودو من زعامة حزب الليبرال ومن رئاسة الوزراء؟.