آخر الأخبار

رقصٌ للشاعر يحيى زيدو

رقصٌ
......
"نارٌ هو العالمُ".. يقولُ بوذا
والجسدُ، هذا الوعاءُ سيءُ التصميمِ
لَمْ يَعُدْ صالحاً لحفلةِ الشِواءِ الكونيَّة
الجسدُ العاري.. الجسدُ العارفُ
الجسدُ الحاملُ للروحِ
المكتنزُ بالقيمةِ والفكرة
الجسدُ المخصيُّ المقتول بفتنة البَاهْ
جسدُ ماقبل الحداثةِ الممتلئ بالحلم ِ والمعنى
غَدَا مسكوناً بالصدفةِ والحلم
حتى صار صِنْوَ "اللامعنى"
و جسدُ ما بعد الحداثة خاوٍ إلا من العدم 
*****
الأرضُ تدور على وَقْعِ تَثَنِّي "سالومي"
و رأسُ "المَعْمَدان" يقطرُ دماً فوق المائدة
يا ابن اليوم السادس من الخلق
ثَمَّةَ ارتيابٌ يُرْبِكُكَ و يُقْلِقُك
وخوفٌ تعرفُ مَصْدَرَهُ
لَكِنَّكَ مثلَ تمثالٍ هاربٍ من أسطورةٍ إغريقية
تريد أن تَعُضَّ الحياة
لأنها أعطتْ عَظْمَتَكَ التي تَسْتَحِقُها
لشخصٍ آخر
*****
يا ابن آدم
ثُمَّةَ موتٌ يسخر منكَ ومن مشاريعِكَ و أحلامِك
اِعْلَمْ أنَّ الموتَ قصيرُ القامةِ
لا يتَعَثَّرُ بثيابِه الطويلة
ولا يتباطأُ عند الحُفَرِ و المَطَبَّات
يمشي باعتدادٍ وخيلاء
لأنَّهُ ابنُ الحياةِ المُدَلَّل
فاخْتَرْ حكمةَ الرجلَ العجوز:
" كي لا تشيخ.. مُتْ باكراً"
هراءٌ هذا العالم
اكْنُسْ ما عَلِقَ برأسِكَ من أفكارٍ
و أوهامٍ و نظرياتٍ و إيديولوجياتٍ رَثَّة
الوقتُ يقطرُ من بَندولِ الساعة
ولا رفاهيةَ لديكَ لاختيارِ قَبْرِك
في حدائقِ بابلَ المُعَلَّقَة
أو قربَ ناطحات السحاب
لكَ فقط أنْ تعبُرَ الدُرُوبَ المُوحِلَة
و تنهضَ بعدَ كلِّ سقوط
لأنَّكَ "سيزيفَ" الشَقِيَّ المخلوق لِدَحْرَجَةِ الصخرة
ولأنَّ "سالومي" لم ترقصْ رقْصَتَها
الأخيرةَ الأثيرةَ بعد.