آخر الأخبار

ما يزال الجنون يحوم حول سوق العقارات

في الآونة الأخيرة لم يقتصر القلق لدى شريحة كبيرة من الناس،  فقط بسبب كورونا وتحوراتها وتحدياتها، وإنما أطل شبح الطمع والاستغلال برأسه ليولد رعباً نفسياً لدى هذه الشريحة التي تنتمي للطبقة المتوسطة بسبب إرتفاع أسعار المساكن الذي بات يهدد استقرارهم ومستقبل أبنائهم. 
فجـأة وبدون أي مقدمات وفي ظل وباء شرس شل كل مرافق الحياة ، إلتهب سوق العقارات من جديد في سابقة لم يعهدها هذا المجال من قبل في التاريخ، حيث أننا بدأنا نلاحظ زيادات مجنونة في الأسعار لا تتناسب بالمطلق مع مستوى المعيشة والرواتب ولا حتى ما يمكن أن تتحصل عليه شريحة كبيرة من الكادحين، لذلك لا يمكن أن تصدق عقولنا بأنها مجرد طفرة عابرة ولا يوجد هناك شئ خلفها ومن يتلاعب بها بطريقة خبيثة لها أبعاد أكثر بكثير من التربح وليس فقط بسبب التضخم الناجم عن الوباء؟!.
إن حركة السوق العقارية الملتهبة تتدحرج بطريقة هيسترية وتلتهب وكأن القيامة ستقوم غداً، وعلى ما يبدو أنه تأتي ضمن توافقات إستثمارية مدروسة ومتفق عليها للسيطرة على سوق العقارات والتحكم بأسعاره بين المنتفعين والطامعين والمستغلين للفرص غير الآبهين بألام وأوجاع الناس، وبهذا يكون الضحية بلا شك هو المواطن البسيط الذي عاش الأمل سنوات طوال من أجل أن يحصل على مسكن آمن له ولأسرته.
المصيبة ، هي أن المشكلة لم تقف عند هذا الحد فقط، بل تمادت جرأة المستثمرين العابثين في هذا السوق المجنون، فأصبحوا يهددون إستقرار الأسر الآمنة من المستأجرين وإبتزازهم بوقاحة غير مسبوقة من خلال الضغط عليهم لترك بيوتهم وهناك الحالات الكثيرة التي حصلت بهذا المضمار، ومن المستأجرين من ردع هؤلاء العابثين من المستثمرين ووقف في وجههم بقوة القانون، ومنهم من خضع للأسف الشديد لابتزازهم وقبل بقدره ونصيبه لينتقل من مسكنه ليصبح تحت رحمة مستثمر آخر، العامل المشترك فيما بينهما هو الطمع والجشع وإستغلال الفرص حتى لو كانت على حساب إستقرار وأمن وسلامة المجتمع غير آبهين بالظروف الطارئة التي نعيشها وغير مكترثين بالنداءات الرسمية الداعية للتكافل وعدم الإستغلال، بالرغم من قولهم أن الحكومة مستفيدة بلا شك من هذا الحال الذي يضخ لميزانيتها مليارات الدولارات التي تجعلها بلا شك قادرة على مواجهة التحديات الإقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا.
إن ما يحصل لا يمكن أن يندرج تحت مسمى أنه نتاج حالة التضخم المرعبة التي لا زالت آثارها تتدحرج بسرعة ولا أحد يمكنه التنبؤ بما ستصل إليه أو ستؤول إليه من تأثير سلبي على المواطن البسيط من خلال اسعار السلع وغيرها.
لذلك أجد نفسي وكمواطن صاحب قلم حر وشريف بأن أطلق هذه الصرخة المدوية بإسمي وبإسم كل الحالمين بأن يحافظوا على أسرهم والراغبين بالعيش بأمن وأمان وسلام واستقرار بعيداً عن الضغوطات النفسية والإقتصادية التي باتت تقض مضاجعهم وتضرب إستقرارهم وتعمق حالة الإحباط  لديهم. 
من هنا أجد أن الأمانة الإنسانية والأخلاقية ومن منطلق الإنتماء الصادق والأمين  لهذا البلد العظيم يدفعاني بلا تردد لأن أعبر عن رأيي كما الكثيرين الذين يتحسسون خطراً داهماً على المجتمع برمته حيث أن الفرد بات يفقد توازنه وقدرته على التكيف والإستمرار في ظل هذه التحديات المعقدة والتي تحتاج تكاتفاً وصلابة في الموقف للجم هذا الجنون والحد من ثورانه حتى لا تصبح هناك كارثة مجتمعية ينجم عنها حالة طبقية بين فقير وغني ، حالة لا تليق بمكانة هذا البلد العظيم الذي كفل كرامة الإنسان وعيشه الكريم.
لذلك فإنني أرى ضرورة القيام بمبادرة حكومية عاجلة يتم فيها توزيع أراضٍ مجانية على المقاولين من أصحاب شركات البناء، لبناء وحدات سكنية بمواصفات تضاهي ما هو موجود في السوق وعرضها للتمليك بسعر مقبول ومعقول وبالإمكان تغطيته ممن يرغبون بإمتلاك بيتهم الأول من الطبقة الكادحة، وبهذا تكون الحكومة قد ساهمت بتحجيم شبح  الإستغلال وتخفيف العبء عن المواطنين الكادحين المتطلعين لتملك بيتهم الأول. 
أخيراً في تقديري أن هذا النوع من المبادرة سيخلق بلا شك حالة توزان وضبط للأسعار وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي قبل أن تنفلت في فضاء اللاعودة وتتراكم المشاكل ويتم ترحيلها لأجيال شابة بريئة لا علاقة لها بأن تحمل كل هذا الإرث الثقيل وهي الطامحة والحالمة بأن يكون مستقبلها أفضل حتى تصبح فاعلة في مجتمعها ومساهمة في بنائه وتطويره وازدهاره ورخائه.
ختاماً لابد من التنويه إلى أن الإستثمار في الإنسان من خلال منحه الأمل وضمان الحياة الكريمة له ولأسرته هو أسمى وأرقى إستثمار، وأكثر فعالية في البناء والإعمار من أجل تحقيق رؤية طموحة تحقق الرخاء والإزدهار المستدام لتصبح النتيجة المستقبلية لائقة ببلد عظيم قدم الكثير وساهم بالكثير من أجل راحة مواطنيه والكثير من أجل مساعدة البلدان الأخرى!.