هنيئا لأولئك الذين لا يتطايرون بهجة لحلول الربيع، ولا يغتبطون لفراشات الحنين. هنيئا للذين لا ينتكسون للاصفرار أيلول ولا يهرعون للأغطية، للمواقد الملتهبة، للأكواب الدافئة هربا من مقلة السماء الدامعة. هنيئا للذين لا يحتسون الشاي و لا يحترمون بروتوكوله، و لا يعبئون لعبق القهوة أو سطوة سمارها على عروش الأفئدة؛ هنيئا للذين لا يخلعون أحزانهم على عتبات مملكتها.
هنيئا للنائمين حتى لو قرعت طبول الألم، للحالمين حتى لو عانقهم الفشل، حتى لو غلفتهم الخيبة، هم في سباتهم يتنعمون. هنيئا لمن لا تدمع مقلهم، لا تتوجع قلوبهم، لا ترتعش أناملهم ولا تنتكس أرواحهم. هنيئا لمن لا يخافون الظلام، لمن لا يحترقون من ضياء الهيام؛ للضاحكين دون أن يعرفوا الفرحة، للدامعين دون أن يستشعروا عظم الغصة. لمن يحتسون نخبهم على رفاتهم، هنيئا للذين لا يهمهم إن كانوا أو زالو...