أشياء صغيرة
أمل هباني*
Amalhabbani67@gmail.com
لن تنجو أي دولة منفردة
قلت في مقالي السابق عن تأخر وصول اللقاح أن كندا اشترت ما يقارب خمسة اضعاف عدد سكانها من اللقاحات كما رشح في وسائل الاعلام .
و أن هناك انتقادا لدول العالم الأول على رأسها كندا لاحتكارها تصنيع وتوزيع لقاح الكورونا.وقد يكون من حق أي مواطن في أي دولة من دول العالم الأول أن ينعم بحقه قي التطعيم والحماية من فيروس كورونا ، لكن في هذه الفترة العصيبة يجب أن يدرك العالم أن أمنك الصحي لن يتم بأن تنال وحدك الحماية وليذهب باقي العالم الذي لا مقدرة ولا امكانية له الى الجحيم .بل على العكس ربما لو تخلت معظم دول العالم عن الانانية القومية منذ اللحظات الأولى وحاولت محاصرة المرض داخل مدينة ووهان الصينية نواة انتشار الفيروس في يناير من العام الماضي لكان أفضل وأكثر سلامة للجميع مما هو عليه الحال الان ، فالموقف الاخلاقي كان يجب أن يكون ارسال المساعدات الطبية لجميع الأفراد المتواجدين داخل المدينة والفرق العلاجية والبحثية من كل دول العالم الغنية لعلاج مواطنيها وكل انسان يحتاج الى العلاج داخل ووهان نفسها وليس ارسال الطائرات الخاصة لاجلاء مواطني كل دولة حسب مقدرتها ومكانتها فالانسان قيمته في انسانيته وليس في تراتبية انتماءه للعالم الأول أو الثالث .ولو حدث ذلك وفكرت جميع الدول حينها في مسؤوليتها المشتركة انقاذ البشرية بأكملها ربما انقذت عشرات الالاف من الارواح التي راحت نتيجة لتفشي الوباء وعدم القدرة على السيطرة عليه في مكان واحد بعد أن توزع الجيل الأول من المصابين في مدينة صغيرة كان يسهل السيطرة عليها الى كل انحاء العالم لتتشكل بؤر جديدة للمرض .
والان ان أوان أن يعرف العالم أنه لا دولة غنية أو عالم أول سينجو منفردا بتوفير اللقاح .فترك العالم الثالث الفقير المتخلف الى اخر هذه الصفات التي ابتلي بها ذلك العالم يواجه فتك الكورونا وحده يعني مزيدا من بؤر المرض المتحور لسلالاة ربما تكون أكثر شراسة من الكوفيد 19 كما صرح بذلك رئيس منظمة الصحة العالمية ذاته من مخاوفه احتكار اللقاح بواسطة الدول الغنية التي تمتلك امكانات تصنيع أو شراء اللقاح.
وسط كل ذلك الجدل امل أن تتبني كنداهذه الدولة العظيمة الموقف الأخلاقي السليم بأن تتبرع بالفائض عن حوجتها للدول الفقيرة .فهذا هو الموقف الذي يشبه اتساقها مع حقوق الانسان وهذا هو الموقف الذي يشبه حكومة ترودو التي ما فتئت تولي المواطن الكندي جل الرعاية والعناية كحق أصيل له ونتوقع أن تقوم بدورها لمساعدة الدول الأشد حوجة للقاح كما يمليه عليها الضمير الإنساني.
*كاتبة صحفية وناشطة نسوية حائزة على عدة جوائز دولية