لا تقتربْ
..........
لا تقتربْ ..
إنَّ البلادَ تكسَّرتْ مرآتُها
واليأسُ قد وَطِئَ الضَّمائرْ
لا تقترِبْ
إنَّ الذِّئابَ تحومُ في الأرجاءِ ..
تقتَسِمُ الولائمَ والحناجرْ
لا تقترب..
فالقاسيونُ يغوصُ في بردى ..
وشهباءُ النُّجومِ تذوبُ في دمعِ المَحاجِرْ
لا تقتربْ
فهُنا حكاياتُ الطُّفولةِ والحجارةِ ..
تخنقُ الأشعارَ في قفَصِ المنابرْ
لا تقترِبْ ..
يا "حبُّ "منِّي ههُنا
ليَظلَّ حزنيَ عائماً فوقَ الجراحِ ..
على صدى اللَّحنِ المشرَّدِ
وِسطَ أنغامِ الجنونِ ..
يوشوشُ الوقتَ القتيلَ ..
يُناورُ الإعصارَ ..
يَنتظِرُ النِّداءَ ..
يُلقِّحُ الآمالَ بالدَّعواتِ..
في الوطَنِ المُسافرْ
لا تقترِبْ
ما زال يلسَعُنا الضَّلالُ على دروبِ القهرِ
خانقةٌ مصائبُنا..
بوِسْعِ كآبةِ الشطآنِ والأحجارِ ..
في وطنٍ تآكلَ نورُهُ
في محنةِ الأفكارِ ..
نبحثُ عن بصيرتنا ..
فتنحرفُ الحقيقةُ والرُّؤى
رهنُ السَّرابِ أنا وأنتَ
وهذهِ الأحلامُ تغرقُ في الظَّلامْ
لا تقترِبْ ..
لأخِيطَ وجهَ كآبتي ..
علَّ الحياةَ تملُّني
وتسيرُ بي ..نحو اصطفاءِ النُّورِ..
في دوحِ الوجودْ
إنَّ السُّكوتَ على دثارِ الذُّلِّ!..
أبغضُ ما يكونُ لدى الوجوهِ النَّيِّرةْ
لا ريبَ أنَّ الصَّبرَ يُدمي أنفساً
يشتاقُها حُضنُ الثَّرى
فهنا الرِّكابُ تغورُ في الظُّلماتِ ..
والرُّوحُ العليلةُ ! تشتهي
بسكونها فوق الذُّرى
هذا الوداعْ
لا تقتربْ ..
مثلي .. سُكونُ الليلِ مرميَّاً ..
على كتفِ الصَّباحِ ..
يُعاقِرُ الأيَّامْ
مثلي .. غيومُ الصَّيفِ تُنذِرُ ..
شؤمَها عندَ المساءِ..
وتصفَعُ الأحلامْ
مثلي ..حروفُ الجَرِّ تطغى ..
بالصُّعودِ إلى النُّزولِ ..
وتحبسُ الآلامْ
مثلي .. عيونُ الفجرِ ما قبلَ الضُّحى
لا تقتربْ
خلفَ الشَّبابيكِ المُحطَّمةِ استَقَلْتُ بصرختي
كم شاسعٌ هذا السَّوادُ ..
يسيرُ بي من غير مصباحٍ..
أنا المهزومُ بينَ دفاترِ التَّاريخ
ِأبكي حيرتي في حضرةِ الكلماتِ !
أبحثُ عن صدى الإنسانِ ..
مقتولٌ أنا ..
باسمِ السَّلامِ على جبينِ الشَّمسِ..
باسمِ منابرِ الأحرارِ ..
أُكتُبُ بين أجراسِ المَغيبِ قصيدةً مجنونةً
تختالُ عاريةً على سطحِ القمرْ
منذر الغباري -٢٠٢٠-