متعكزةً على حرصي 

__________________

 

أهلا بكَ

تدقُّ بابَ البيتِ وأفتحُ ..

ترتدي جسدي هواءً خفيفاً 

وكأنَّ لا أحدَ عند الباب !

 

من أين أتيتَ أيها الشقيُّ اللعين

وكيف لك أن تمتدَّ كلَّ هذه المسافات

لا رادعَ ولا دليل ؟!

 

شهورٌ وأنا على أهبةِ الاستعداد

أرشُّ المعقماتِ في كلِّ مكان

حتى بات جِلدي يوجعني

والمكانُ يئنُّ من لَذْعِ التعقيم ..

 

أهلاً بكَ حُمّىً خفيفةً ..

تأتي وتروحُ بالوعيد ..

سعالاً على معراجِ صدري

يحجُّ حنجرتي مراراً ..

يرمي سبعَ جمراتٍ ويعودُ من جديد ..!

 

أهلاً بك صريرَ عظمٍ يقضُّ مضجعي ..

يعزفُ التانكو على أضلعي !

فترقصُ روحي بكعبها العالي

فوق كلِّ عظامي ..

وأبيتُ ليلي أئنُّ أنينَ أجِنّةِ الحياة

إذا ما تمخّضَتْ ولادتُهم في أرضِ العويل ..

 

أهلاً بك في يومكَ السادس

تخطفُ المذاقَ من لساني رويداً رويداً 

وتأخذُ كلَّ العطورِ لا طعمَ ولا رائحة

وأنا أقنِعُ نفسي بأنكَ ما زلتَ بعيداً عني ..

 

أهلاً بك تدقُّ الباب 

.. تدخلُ .. لا أراك 

وتلبسني .. لا أشعرُ بك

وترميني مدنّفةً بغفلتي

وأنا التي لا أحبُّ المسكنات 

ولا الخافضاتِ ولا أقراصَ الفيتامينِ الفوّار ..

 

لكن .....

لا أهلاً ولا سهلاً ..

إذا اقتربتَ من قلبِ أبي 

الذي توقفَ ثلاثَ مرات 

وعاد لأجلي ..

ذاك العجوزُ الجميل ..

طِيْبُ الكونِ في عينيه ، 

وعلى كفيه

عاصمةُ روحي ..

 

لا أهلاً ولا سهلاً 

إنِ اقتربتَ من أنفاسِ أمي ، 

تلك التي لم تتركْ وصفةً 

لترمِّمَ ركبتيها اللتين حملتانا ، 

وهَمّنا دهراً من الحبِّ والسلام

لا شكوىً ولا آه ..    

 

لا أهلاً ولا سهلاً إنِ اقتربتَ من عمي

ذاكَ المتكئِ على إيمانِهِ ليلاً ونهاراً

لا حرفَ .. لا كلمةَ ..

سوى الحمدِ الكثير

 

لا أهلاً ولا سهلاً 

إن اقتربتَ من عجوزِنا في الدار ، 

تلك التي أعياها سقامُ العمرِ 

فأعيَتْهُ بالصبرِ والدعاء ..

 

تعالَ ، وأنتَ الذي أتيت ..

أهلاً بكَ فِيَّ 

متعكزةً على حرصي

قبل أن تأتي ، 

لا قُبَلَ ولا سلامَ ولا عناقَ

بكمامةٍ أو بدونها .. تلاحقُني ..

أجُرُّ جثَّتي وتتبعُني .. أخلعُها فترتديها ..

وتنامُ في ساحةِ حربِكَ ملءَ دمي

وأنا أهشُّ بالليلِ والصبرِ على نعاسي

وخلاياي عصافيرُ لوزٍ تقاتل

لا سلاحَ ولا فتيل ..

_________________

 

ميرفت أبو حمزة

من ديوان " ليتني "