الخطر الذي يحدق بنا جراء كوفيد-19، من المحتمل ألا يتوقف إلا بوجود لقاح. لكن خبراء الصحة العامة يرون في نفس الوقت أن نموذج الجبنة السويسري دليل جيد، إذا ما أردنا أن نضع حدا للحجر الصحي الذي لا يكاد ينتهي.

فاطمة توخمافشان، عالمة الوراثة وأخلاقيات علم الأحياء بجامعة McGill وعضو في مبادرة COVID-19 Ressources canada’' تشرح ماهية هذا النموذج وكيف ينطبق على هذا الوباء.

ما هو نموذج الجبن السويسري؟

هو نموذج اتصال تم وضعه منذ 20 عامًا، بواسطة الأستاذ جيمس ريسون، في جامعة مانشستر. وقد تم استخدامه منذ ذلك الوقت، في مختلف المجالات. إلى أن تم تكييفه مؤخرًا، من قبل الدكتور إيان ماكاي من جامعة كوينزلاند بأستراليا، لمعالجة هذا الوباء.

ويتعلق الأمر بشرح كاف لسبب عدم كفاية نوع واحد من التدخلات لإيقاف الانتشار، لأن كل واحد من هذه التدخلات له عيوبه، سواء كان ذلك في ارتداء القناع أو في تطبيق إجراءات احتواء مختلفة.

وتعزو المتحدثة ذلك للطبيعة البشرية، حيث ستشوب ثغرات أي نوع من التدخلات، سواء كانت اقتصادية أو صحية.

هذا هو السبب في أن جميع شرائح الجبن، التي تمثل وفق النموذج –جميع التدخلات – تبقى مهمة. فمن خلال تركيب جميع الشرائح، أي - من خلال الجمع بين سلسلة من التدخلات - يصبح الجبن أكثر مقاومة لمرور أي شيء. فكلما زاد عدد الطبقات، زادت الحماية وقلت الأشياء التي تمر عبر الشقوق.

لماذا يشير النموذج إلى أن الجائحة هي مسؤولية جماعية بقدر ما هي مسؤولية فردية؟

يوضح النموذج أن الأمر يتطلب العديد من شرائح الجبن الفردية بقدر الشرائح المجمعة لصنع جبن كامل.

خذ، على سبيل المثال، شخصًا يعلم أنه يعاني من الاضطرابات الهضمية. لا يجب عليك فقط أن تشرح لهذا الشخص ما يجب القيام به لتجنب الإصابة بالمرض، ولكن يجب أيضًا أن تشرح لجميع أفراد أسرته أن كل واحد منهم يتحمل جزءًا من مسؤولية مساعدة هذا الشخص. عليك أن تشرح لهم سبب قيامهم بالتضحيات - في هذه الحالة، تجنب الغلوتين - من أجل راحة ذلك الفرد من أسرتهم.

وفي معظم الحالات، سوف يفهم الناس أنه مجهود جماعي. الأمر نفسه مع الوباء.

لكن ما يحصل هو تبادل للاتهامات، حيث يقول المواطنون إنها مسؤولية الحكومة والحكومة تقول إن المواطنين يجب أن يكونوا مسؤولين. ولهذا السبب يجب أن يكون للحكومة دور في جميع 'شرائح الجبن'. فحتى في التدخلات الفردية، يجب على الحكومة التدخل وإجبار وتشجيع الناس على اتباع الإجراءات الفردية، مثل التباعد الجسدي وارتداء الأقنعة...

هل تعتقدون أنه سيكون من الممكن تقليل حالات COVID-19 في كندا إلى الصفر تقريبًا إذا تم اتباع هذا النموذج بدقة لفترة من الوقت؟

نعم، يتم حاليًا مناقشة مفهوم #Covidzero من قبل العديد من الباحثين الكنديين على وسائل التواصل الاجتماعي. وتقتضي الفكرة بذل مجهود جماعي كبير - عملية احتواء كبيرة وأخيرة - قبل التوصل للقاح، لتخفيض الحالات والوفيات إلى الصفر تقريبًا.

وهذا ممكن. فأستراليا وصلت إلى #Covidzero . حيث تمكنت من تسجيل حالات قليلة جدًا.  نعم ممكن؛ لكن الأمر يتطلب إرادة سياسية.

المشكلة الآن في كندا هي أننا نفتقد عدة شرائح وهناك العديد من الثقوب في الجبن. على سبيل المثال، 'شريحة جبن الفحص' لدينا مليئة بالثقوب ورقيقة للغاية. وبدونها لا يمكننا تقليل عدد الحالات.

هل تقوم الحكومات في كندا بعمل جيد في التواصل أثناء هذا الوباء؟

لا، لم يقوموا بعمل جيد في التواصل. والسبب هو أن السياسيين وليس العلماء هم من يتواصلون مع الجمهور. على عكس ما حصل أثناء اندلاع السارس سنة 2003، حيث كان العلماء والخبراء والأشخاص الذين يعملون في الميدان هم الذين نقلوا المعلومات، هم الذين تحدثوا إلى الصحافة. لم يكن هناك دافع سياسي وراء هذه الاتصالات. كان هدف هؤلاء إنقاذ الأرواح فقط.

الأمر مختلف تماما مع COVID-19، السياسيون هم من يتحكمون في الرسالة. وهذا هو عكس ما يحدث في نيوزيلندا أو كوريا الجنوبية، حيث سمحوا لخبراء الصحة العمومية بالتواصل مع الرأي العام، وليس السياسيين.

في حين أن السياسيين في كندا لم يشرحوا بشكل كامل سبب إضافة شرائح الجبن أو إزالتها – ''تدخلات'. وهم بذلك لم يتسببوا في حدوث ارتباك فحسب، بل تركوا مجالا لاتخاذ قرارات بدون بيانات علمية.

وبعد ثمانية أشهر من ضعف التواصل في كندا، لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع انتشار الوباء.