الذي سرّح نظره بعيداً
كانت السماء تدعوه
وتدعو له
ترفع آخر أنفاسها الأرجوانيّ عن كتفيه
والبحر يلمّ عن جسده الحارّ، المحترق بالحلم، تواتر الموج البارد
يلمّ ايقاع الصوت
ايقاع التوالي
وايقاع الزبد المتفشي الذي حاول أن يطابقه مع إيقاعات يحفظها في سواقي الذاكرة، فلم ينجح.
غمره الأزرق التركوازي
كان يمزج نظره في نظر حبيبته، وفي عينها وريشتها كان يمزج كلّ الألوان بالرمادي
كان متفائلاً لدرجة أنّ أصوات المدينة كانت تتبعه دون أن تعرف إلى البحر
وأصوات الموج تحمل عينيه إلى أقاصي البلاد...
إلى أقاصي ترابين الحلم المتورّق على رؤاه...
أقاصي فيض الغروب وهو يندلق عن خطّ الأفق وينسكب مفيضاً يغرق نصف الكرة البعيد
حيث كان له حبيبة ثانية لا بعرف اسمها
وكانت جبهتها بلون الغروب
عيناها بحيرتان
وكنزتها الشتائيّة، التي لا ترتديها، مقلّمة بالرمادي
الذي سرّح نظره بعيداً
مشّط قلبي برمشه الغائر في الدمع
وضمّني كخيط شمع
يذوب نيابة عنّي كلّ صلاه أرفعها لأجل النهر العابر عينيه
يفرّ من دمعه كرة ضوء
قمر ينوء بحمله
تتدحرج منه أربعة شفاه
الذي سرّح نظره بعيداً
كان ظهره، المدينة
وجهه، البحر
وقلبه، سفينة.
الذي سرّح نظره بعيداً
شربته السكينة