آخر الأخبار

حقوق الإنسان.. ماهي؟ ومن أين أتت؟ وما هيي اوجهها المختلفة ؟ ومن يحافظ عليها؟

حقوق الإنسان.. يا له من حقل واسع جداً للحديث عنه، احد المبادى والقوانين التي تحدد شكل العالم الذي نعيش فيه الآن. بداية فكرة حقوق الإنسان تأتي من عصر التنوير في أوروبا. في تلك الفترة بدأ الناس يقللون من احترام وهيبة الكنيسة والملكية، والنظام الابوي او الملكي او الكنسي لم يعد مناسباً بعد الآن للكثير من الناس، فقامت الثورات على الملكية والكنيسة، وأصبح هنالك الكثير من اللقاءات الأدبية والثقافية لمناقشة الأفكار الجدلية، ولإيجاد أجوبة مقنعة للأسئلة الصعبة التي طرحت في ذلك الوقت. ومن بين المواضيع الجدلية الكبيرة كان هنالك موضوع حقوق الإنسان ومن أين تأتي هذه الحقوق ومن يحميها الخ. حاول الكثير من المفكرين رسم خطوط واضحة لحقوق الإنسان، وحصل جدل بينهم حيث كل مجموعة لديها نظرياتها ومناظيرها الخاصة التي تنظر عبرها إلى حقوق الإنسان. هنالك ثلاثة مناظير نظرية مختلفة لحقوق الإنسان ،فلدينا المنظور الليبرالي لحقوق الإنسان ، والمنظور الماركسي، والمنظور ما بعد الهيكلي. في هذا المقال سوف نشرح المبادئ الأساسية للمناظير الثلاثة. 

 

 

 

المنظور الليبرالي هو أحد المناظير الرئيسية لحقوق الإنسان، وهو منظور بارز جداً وأحد اهم المؤثرين على تفكيرنا وطريقة حياتنا حالياً. ونظام حقوق الإنسان الكامل الخاص بنا مبني على الليبرالية. يعتبر المنظور الليبرالي الفرد على أنه الوحدة الأساسية للمجتمع. ينص المنظور الليبرالي على أن مصدر حقوق الإنسان هو الكرامة الإنسانية والمنطق الجمعي لما يجب أن يكون عليه الواقع. في المنظور الليبرالي ينظر إلى المؤسسات على أنها الحامي الأساسي لحقوق الإنسان، سواءً كانت مؤسسات محلية داخل الدولة او مؤسسات عالمية مثل مجلس الأمن. الليبراليون يعتقدون ان حقوق الإنسان هو حقيقة كونية تستطيع أن تضم جميع أطياف المجتمع تحت مظلتها. أحد أهم الليبراليين هو توماس جفرسون الذي كتب في إعلان الاستقلال الأمريكي.

 

 

المنظور الماركسي يختلف كثيراً عن المنظور الليبرالي، حيث ينظر الماركسيون على أن الطبقات الاجتماعية هي الوحدة الأساسية للمجتمع. حيث هنالك الطبقة البرحوازية التي تملك وسائل العمل والإنتاج للتحريك والتغيير، وهنالك طبقة البروليتاريا التي تتألف من العمال الذين يعملون بأيديهم وهم من يقوم بالعمل الحقيقي. المنظور الماركسي يؤكد على أهمية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ويجادل ماركس على أن البنية الرأسمالية، وتركز رأس المال في يد قلة من الناس هو العدو الأساسي لحقوق الإنسان. وبدون تغيير جذري في بنية الرأسمالية لن نتمكن أبداً من الوصول لتحقيق حقوق الإنسان. لأن حسب افكار ماركس فإن الطبقة البرحوازية تملك وسائل الإنتاج، وتستطيع ان تنشر البروباغندا التي تريدها للوصول إلى أهدافها.

 

 

المنظور النظري الثالث هو المنظور ما بعد الهيكلي. وهو يعد منظور جديد نسبياً اذا ما قارناه مع المنظور الماركسي والمنظور الليبرالي. المنظور ما بعد الهيكلي هو منظور انتقادي كبير للمشروع الليبرالي، فالمنظور ما بعد الهيكلي يحاول كشف الحقيقة الخفيفة في الوعي الجمعي لكيفية عمل النظام العالمي. وايضاح العلاقات القوية الموجودة داخل المعرفة. فحسب هذا المنظور فالمعرفة ليست شيئا محايداً، بل هي نتاج للعلاقات القوية. يهتم المنظور ما بعد الهيكلي بسياسة الحقيقة، ويعمل لكشف الفائدة وراء تقديم بعض المعرفة المحددة لتكون معرفة مقبولة وكاملة وشرعية، بينما يتم تقديم بعض المعرفة الأخرى على أنها حقائق مشكوك فيها ومكذّبة.

 

 

المنظور الليبرالي هو أكثر منظور ملائمة لواقع حقوق الإنسان الحالي. فالمنظور الليبرالي متبنى من قبل اعرق الديموقراطيات التي تعطي حقوقاً متساوية لجميع المواطنين، وتسعى إلى نشر حقوق الإنسان حول العالم لكي تكون حقيقة يعمل بها، حيث يعتقد الليبراليون ان حقوق الإنسان هو مفهوم كوني، يستطيع الجميع أن ينضوي تحته وان يكون جزءاً منه. الليبرالية لا تعارض الرأسمالية، على عكس المنظور الماركسي الذي ينص على أن الرأسمالية هي العدو الأول لحقوق الإنسان. ولكن الآن وبعد تقريباً قرنين على موت ماركس، نرى ان حقوق الإنسان والرأسمالية والليبرالية تتناغم بشكل جيد جداً مع بعض. وحسب رأيي، الليبرالية الرأسمالية هي المسيطرة اليوم على السياسات العالمية لأنها اكثر الأفكار ملائمة للواقع، وتحاكي المنطق الإنساني بكل وضوح، وتسعى إلى نشر قيم حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

 

 

 

لنلخص، ثلاثة مناظير نظرية مختلف لحقوق الإنسان، حيث هنالك المنظور الليبرالي والمنظور الماركسي والمنظور ما بعد الهيكلي. هذه المناظير تختلف فيما بينها، حيث الليبرالية على سبيل المثال تعتبر الفرد هو الوحدة الأساسية للمجتمع، بينما الماركسية تنص على أن الطبقات المجتمعية هي الوحدة الأساسية لتشكيل المجتمع. أما المنظور ما بعد الهيكلي، فيهتم اكثر بكونه منظوراً انتقادياً ويبحث في كشف الحقيقة المخفية داخل المنطق البديهي. بحسب رأيي الشخصي المتواضع، اظن ان المنظور الليبرالي هو الأفضل خلال وقتنا الحالي، وخصوصاً في ظل العولمة ووجود الانترنت الذي يصل جميع أنحاء العالم ببعضها.